إعداد: نرمين العطار  

"وسط واحة الفيوم الرائعة التي تحيطها الصحراء من كلِ جانب، وبعيداً عن ضوضاء القاهرة وازدحامها اختار الفنان التشكيلي محمد عبلة إقامة أول متحف متخصص للكاريكاتير في منطقة الشرق الأوسط بقرية تونس بمحافظة الفيوم، على بعد 90 كيلومترا جنوب غرب القاهرة، والتي تتميز بطبيعة ساحرة جعلتها قِبلة للسائحين من مختلف دول العالم".

متحف فريد من نوعه :

 يعتبر "متحف الكاريكاتير" المتحف الوحيد في الشرق الأوسط المتخصص في فن الكاريكاتير، يقع علي بعد 70 كيلومتراً من مدينة الفيوم، أنشأه الفنان التشكيلى محمد عبلة بمبادرة فردية عام 2009  ليحقق حلم الفنانين من رموز ورواد الكاريكاتير في مصر والوطن العربى  الذين ظلوا سنوات يحلمون بإنشاء متحف يحفظ تراثهم.

لقد كان هذا المتحف حلماً بالنسبة للفنان الفلسطينى الراحل زهدي العدوي ، واستطاع الفنان المصرى تحقيق ذلك الحلم ، ليصبح متحف الكاريكاتير الأكبر على مستوى العالم من حيث المساحة ، وبعدد معروضاته ومقتنياته النادرة.

مكان ريفى مميز : يقع المتحف بقرية "تونس" الصغيرة الخاصة بالفنانين في الطرف الغربي من واحة محافظة الفيوم فوق تل صغير مُطل على البحر ، ويغلب على المكان الطابع الريفى التقليدى البسيط حيث معظم البيوت الموجودة هناك مبنية من الطين،الأمر الذى يساعد على إبقاء الجدران باردة أثناء حرارة الصيف الشديدة، والهواء نقي ولا شيء يعكِّر صفو هذه الجو الريفي البسيط سوى تغريد الطيور.

وترجع نشأة قرية "تونس" الخاصة بالفنانين في الفيوم  لخمسة وعشرين عامًا ، ولم يكن هناك سوي بضعة مبدعين استقرّوا في هذه الواحة في البداية، لكن يعيش اليوم في هذه القرية الكثير من الكتَّاب والرسامين،

والخزَّافين على وجه الخصوص حيث تكتسب القرية شهرتها من أعمالهم. محتويات تاريخي يضم المتحف تراثا فنيا لأعمال خمسة وخمسين من فنانى الكاريكاتير، وحوالى 500 عمل إبداعي، كما يحتوي على الأعمال الفنية الأصلية لفناني الكاريكاتير المصريين والأجانب منذ عام 1930 وحتى الآن.

ويحتوى  المتحف على مجموعة من أجمل لوحات الكاريكاتير على مستوى الوطن العربى حيث يضم أهم أعمال صاروخان، ومجموعة نادرة من أعمال محمود حجازي ومصطفى حسين، كذلك مجموعة فريدة لأعمال كثير من الفنانين الأجانب الذين كانوا يرسمون الكاريكاتير بمصر فى فترة الثلاثينات.

كما يشتمل على أعمالٍ جديدة مميزة  لقامات كبرى في عالم الكاريكاتير، منهم الفنان  صلاح جاهين، جورج البهجوري، طوغان، أحمد عز العرب.

وقد حصل المتحف على تلك االمقتنيات الخاصة، بإهداء من الفنانين وعائلاتهم، ومنهم الراحلين الكبيرين محيي الدين اللباد وطوغان، بالإضافة  إلى الفنانين  سمير عبدالغني وأحمد عبدالنعيم.

أهداف وأنشطة ثقافية:

يستقبل المتحف زواره في المدخل بعدد من الرسومات الكاريكاتيرية المأخوذة من صحف ومجلات ترجع إلى فترة العشرينيات من القرن الماضي، حيث تعود أقدم رسومات المجموعة لعام 1927، والرسومات ملونة وتبدو جريئة ومباشرة فضلا عن كونها ذات مغزى ناقد للمجتمع في عصرها.   يعنى المتحف بالتأريخ  للمجلات الساخرة التي صدرت في مصر منذ الثلاثينيات وحتى الآن ، ومنها الكشكول، والمطرقة ، واضحك، والكتكوت  والتى لم يتبق منها الآن سوى صباح الخير و روز اليوسف. ومن أجل منح الشباب فرصة للاحتكاك مع أصحاب الخبرة في الفنون، يشمل المتحف على "مركز الفيوم للفنون"  والذى لا يهدف إلى الربح، حيث يتم عقد دورات في الرسم وفن الفيديو والنحت والجرافيك والتصوير بشكل دوري، وفي شهر يناير من كلِ عام يقوم  المتحف بتنظيم دورة أكاديمية شتوية لمدة ستة أسابيع، يشارك فيها فنانون من مختلف أنحاء العالم لتقديم المحاضرات والدورات الفنية.

وهكذا، فإن هذا المتحف بوصفه مركز إبداع  لفن الكاريكاتي، يؤكد ان مصر لا تمتلك أقدم الصحف الساخرة في المنطقة فحسب، بل يشتهر المصريون بروح الفكاهة وخفة الظل. 

 الفنان "محمد عبلة" فى سطور -

اسم الشهرة : محمد عبلة، ولد عام عام 1953 بالدقهلية، حاصل على بكالوريوس كلية الفنون الجميلة قسم الرسم جامعة الإسكندرية 1977.
- حصل على عدة جوائز أحدثها الجائزة الشرفية فى ترينالى مصر الدولى الثالث لفن الجرافيك 1999.
- له عدة مقتنيات بدولة المانيا والسويد. - من أهم أعماله الفنية نصب تمثال سيزيف - ألمانيا 1994.
- من أهم أعماله الفنية نصب تمثال سيزيف - ألمانيا 1994 .
- صدر له كتاب يضم مختارات من أعماله بمقدمتين للشاعر جمال القصاص والناقدة الألمانية أوتى البسهاوزن، ويلقى الكتاب الضوء على تجربته  من خلال لوحاته عام 2010.